
حمل البيان المشترك الصادر عن الاجتماع «الخماسي العربي» في القاهرة، السبت، عدداً من الرسائل للرئيس الأميركي دونالد ترمب والمجتمع الدولي، مؤكداً رفضه «تهجير الفلسطينيين واقتلاعهم من أراضيهم»، داعياً إلى تضافر جهود المجتمع الدولي للتخطيط وتنفيذ عملية شاملة لإعادة الإعمار في قطاع غزة، بأسرع وقت ممكن، وبشكل يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم، خصوصاً في ضوء ما أظهره الشعب الفلسطيني من صمود وتشبث كامل بأرضه.
وأكد خبراء تحدثوا أن الاجتماع «خطوة على الطريق الصحيح» تأتي في «توقيت مهم، من دول ذات تأثير كبير في المنطقة».
وشارك وزراء خارجية المملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، والإمارات، وقطر، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في الاجتماع الخماسي، الذي دعت إليه القاهرة لمناقشة التطورات في القضية الفلسطينية.
وأعرب المشاركون في الاجتماع، خلال بيان مشترك، عن «استمرار الدعم الكامل لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وتمسُّكه بحقوقه المشروعة، وفقاً للقانون الدولي، وتأكيد رفض المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواء من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلائها من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأي صورة من الصور، أو تحت أي ظروف ومبررات، بما يُهدد الاستقرار، ويُنذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويُقوِّض فرص السلام والتعايش بين شعوبها».

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، رحَّبت الأطراف المجتمعة بالتوصُّل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن والمحتجزين، والإشادة بالجهود التي قامت بها كل من مصر وقطر في هذا الصدد، وتأكيد الدور المهم والمقدر للولايات المتحدة في إنجاز هذا الاتفاق، والتطلع للعمل مع «إدارة ترمب» لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، وفقاً لـ«حل الدولتين»، والعمل على إخلاء المنطقة من النزاعات.
وأوضح المجتمعون، في بيان لهم، تأكيد دعم الجهود المبذولة من قبل الدول الثلاث؛ لضمان تنفيذ الاتفاق بكامل مراحله وبنوده، وصولاً للتهدئة الكاملة، وتأكيد أهمية استدامة وقف إطلاق النار، وبما يضمن نفاذ الدعم الإنساني إلى جميع أنحاء قطاع غزة، وإزالة العقبات كافة أمام دخول المساعدات الإنسانية والإيوائية ومتطلبات التعافي وإعادة التأهيل، وذلك بشكل ملائم وآمن، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل، والرفض التام لأي محاولات لتقسيم قطاع غزة، والعمل على تمكين السلطة الفلسطينية لتولي مهامها في قطاع غزة، بوصفه جزءاً من الأرض الفلسطينية المحتلة، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، وبما يسمح للمجتمع الدولي بمعالجة الكارثة الإنسانية التي تعرَّض لها القطاع؛ بسبب العدوان الإسرائيلي. وكذا تأكيد الدور المحوري الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وغير القابل للاستبدال، لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، والرفض القاطع لأي محاولات لتجاوزها أو تحجيم دورها.
وأشار بيان الاجتماع «الخماسي العربي» إلى الترحيب باعتزام مصر، بالتعاون مع الأمم المتحدة، استضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة، وذلك في التوقيت الملائم، ومناشدة المجتمع الدولي والمانحين الإسهام في هذا الجهد.

وناشد المجتمعون، المجتمع الدولي، لا سيما القوى الدولية والإقليمية، ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بدء التنفيذ الفعلي لـ«حل الدولتين»، بما يضمن معالجة جذور التوتر في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال التوصُّل لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية، بما في ذلك تجسيد الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني، وفي سياق وحدة قطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وخطوط الرابع من يونيو (حزيران) لعام 1967، وفي هذا الإطار، دعم جهود «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، والمشاركة الفاعلة في المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين برئاسة المملكة العربية السعودية وفرنسا، المُقرر عقده في يونيو المقبل.
وأشار أمين عام «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، إلى أن «الاجتماع حمل عدداً من الرسائل للرئيس الأميركي وللمجتمع الدولي، تلخَّصت في رفض (التهجير)، وتأكيد ضرورة إعادة إعمار قطاع غزة، وتوفير الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني». وقال الحفني إن «التطورات الأخيرة كانت تستلزم عقد مثل هذا الاجتماع»، واصفاً البيان المشترك بأنه «متوازن وشامل».
كما أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، «أهمية البيان المشترك في هذا التوقيت، لا سيما أنه يأتي من دول مؤثرة مرتبطة بالقضية الفلسطينية والتطورات الراهنة في المنطقة»، موضحاً أن «البيان المشترك يتضمن تقديم بدائل لمعالجة الوضع في غزة ردّاً على مقترح ترمب، التي تتلخص في إعادة الإعمار وتقديم المساعدات لتشغيل الناس».

ووصف عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية في البرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، الاجتماع بأنه «خطوة على الطريق الصحيح؛ حيث عكست موقفاً متوازناً واضحاً من الدول العربية فيما يخص مقترح (التهجير)»، مشيراً إلى أن «البيان لفت إلى دور الولايات المتحدة المهم في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وأيضاً في ضمان استمرار تنفيذه، متطلعاً لما بعد ذلك من خلال حل الدولتين».
ودعا سعيد إلى «ضرورة البناء على مقترح (حل الدولتين) وحشد الدعم له ولتنفيذه، ودعم وتوسيع قاعدة الدول المؤيدة للسلام»، مشيراً إلى أن «هناك جدية واضحة من الدول العربية في التعامل مع القضية الفلسطينية، يتضح ذلك من المبادرة المصرية لعقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار، وتبني المملكة العربية السعودية اجتماعاً في نيويورك لبحث (حل الدولتين)». وعَدّ ذلك بمثابة «تكامل إقليمي سياسي وعملي».
يأتي الاجتماع بعد نحو أسبوع من طرح الرئيس الأميركي فكرة نقل سكان غزة إلى مصر والأردن، وهو ما قوبل بالرفض من جانب القاهرة والأردن و«الجامعة العربية».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد قال، الأربعاء الماضي، إن تهجير الشعب الفلسطيني «ظلم لا يمكن أن نشارك فيه»، عادّاً أن حل أزمة الفلسطينيين ليس بإخراجهم من مكانهم، بل يكمن في «حل الدولتين» وإقامة دولة لهم.
ورغم الرفض العربي أعاد ترمب عرض مقترحه أكثر من مرة، كان آخرها، الجمعة؛ حيث أكد خلال تصريحات للصحافيين من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، أن الأردن ومصر سيستقبلان سكاناً من غزة.

وردّاً على تكرار ترمب دعوته لمصر والأردن لاستقبال لاجئين من فلسطين، قال حسن «من حق ترمب أن يقول ما يريد، ومن حق الآخرين أن يقبلوا أو يرفضوا»، مشيراً إلى أن «موقف القاهرة وعمان والدول العربية واضح في هذا الشأن، ويتسق مع قرارات الأمم المتحدة والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الذي أكد أن وجود إسرائيل غير قانوني، ومن حق الشعب الفلسطيني تقرير مصيره».
وبشأن تأكيد البيان التعاون مع «إدارة ترمب»، أكد الحفني أن «الدول العربية، ومن بينها مصر، لديها علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة، والتعاون ضروري لتحقيق السلام في المنطقة»، مشيراً إلى أن «الدول العربية قدمت بدائل واضحة لمقترح ترمب، وتم التعبير عنها في مختلف الأطر الدولية».